أخبار وطنية عبد الله بوسطلة، حكيم مدينة سبيطلة وفيلسوفها، في ذمة الله
نشر في 10 جوان 2025 (14:33)
انتقل الى جوار ربه المثقف وأستاذ الأجيال والمربي الفاضل و أحد أعمدة اللغة العربية بجهة سبيطلة عبد اللّه بوسطلة.
وقد رثاه عدنان الهلالي بهذه الكلمات:"رحل عبد الله بوسطلة، حكيم مدينة سبيطلة وفيلسوفها، ليترك في مجالسها فراغًا موجعًا.
كان بيته، منذ إقامته في حيّ الأساتذة، مكتبة حيّة تحتضن النقاشات وتعيرنا الكتب النادرة.
كان الفريد بوسطلة متواضعًا في مجالسه، فترى حوله وجوهًا ذات تجاعيد، وأخرى متورّدة، وشخصيات مشاغبة من "الملاجي" تستمتع بمحاضراته وأحاديثه الشيّقة، في طربٍ جليّ تقطعه قهقهات عالية، تتشابك حوله كأغصان الصنوبر، عندما يستحضر طرفةً أو يعطّر حديثه بملحةٍ من صميم أحياء سبيطلة، وهو الذي جلس إلى كلّ "فينومانات" سبيطلة، من فرطيطو إلى البڨزة وكمال البوق، رحمهم الله جميعًا.
سي عبد الله،
هذا نصّ سأُنشره على "طبّتي" دون أن تراجعه كعادتك، ونجلس حوله فجرًا في مقهى المحطة، الذي أفل بريقه منذ انقطعت زياراتك إليه...
كنتَ تسعى فجرًا لتقتني النسخة الوحيدة من يوميّة "لوكيتيديان"... فألتقيك هناك دون موعد، ليطول الحديث حول "الفيلتر" حتى أفقد أولوّيتي في "اللوّاج".
عاتبتني يومًا، إذ رأيتني متعصّبًا للجبل، وقسوتَ فقلتَ لي: "أنتَ صرت قبليًا... ريجيوناليست"، ثمّ عدتَ فأرسلتَ إليّ أغنية فيرا: "Que la montagne est belle"...
مع الراحل محمود بوعلاڨي، كنّا نعلم عشقك لأغنية "القول" لنصري شمس الدين، وفيروز، فينطلق محمود بالعود، ويرتفع صوتك الجازي، وتنهال المواويل، والراحل عمّ منصف المفتاحي ينفلت طربًا، والسيجارة ترتعش بين أصابعه، فينتصب واقفًا ويوجّه العزف نحو الشام، وهو العاشق الحلبيّ الوفيّ:
"يا رايحين عَ حلب... وحبّي معاكم راح... يا محمّلين العنب... وفوق العنب ارتاح..."
قدّم لي بوسطلة مسرحيّتي الغنائيّة "زلَباني... أو غنائيّات نيوفـَـيْطلة"، بنصّ رهيب عنوانه: "إيقاع قاع المدينة وفاجعة الوجود" سأنشره...
وقالها لي يومًا: "بعضهم لامني لأنني قدّمت مؤلَّفك. حسب نظرهم لا يستحق"...
أشاطرهم الرأي، فتقديم بوسطلة لنصّي كثيرٌ عليّ، وشرفٌ عظيم...
صدق النبّارة، حتى وإن غرقت بهم العبّارة...
يمكن تعويض سكة القطار المغدور، وإعادة رصّ مربّعات فسيفساء سفيطلة، وتجديد المجالس، وتشبيب النوادي الثقافيّة، وترميم أعمدة قوس ديوكلتيانوس...
إلاّ بوسطلة، فهو روح فريدة، لن تعوّضها أخرى...
هو عطر الفكر النادر الذي غادر، لتبقى نفحاته في مهجة نسيم سبيطلة الحميم...
تنكّس رايات جرجير، وتكفاريناس، حزنًا على رحيل بوسطلة العظيم"...